عندما يبدأ الطفل في الكذب، يصبح التعامل معه أمرًا صعبًا بالنسبة للأم. حيث يجب على الأم أولاً معرفة أسباب مشكلة الكذب للتعامل معها بشكل صحيح. وذلك بشرح ما يعنيه الكذب للطفل وما هي العواقب السلبية لهذا السلوك. كما ينبغي عليها أن تشجع الصدق وتكافئ طفلها حين الصدق.
كما يجب على الأم معرفة ما هي المشكلات التي يواجهها الطفل، وتتوخى الحذر عند استجواب طفلها وتجنب استخدام العقاب القاسي، بل يفضل استخدام طرق تعليمية إيجابية لتعديل سلوك الكذب.
هذا ويجب على الأم أن تعلم طفلها كيفية التعبير عن مشاعره ومخاوفه بشكل ملائم وأن يكون واثقًا من أنه يمكنه التحدث إليها دون خوف من العقاب. كما يمكن للأم استخدام قصص ومثال من الحياة لشرح أهمية الصدق.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأم أن تلجأ إلى بعض الحلول العملية للتعامل مع طفلها الكاذب. تلك الحلول التي نوضحها تفصيليا بهذه المقالة.
التعامل مع الطفل الكذاب
كن له قدوة
الطفل يكتسب معظم السلوكيات من الأبوين لذلك هو لا يعتبر الكذب سلوك سيئ إذا صدر من والديه.
ولكن يمثل عنده مثل أي سلوك اعتاد عليه في يومه لأنه يكتسب السلوك والمعرفة عن طريق الملاحظة.
لذلك إذا كنت تريد طفلك صادق قم بتهيئة بيئة مناسبة لطفلك يخلو منها سلوك الكذب حتى يعتبره سلوك سيئ.
حيث عندما يرى الطفل الأبوين يكذبان يتدرب على الكذب.
من أكبر الأخطاء التي يقع في الوالدين أن يقوما بتربية ابنهم على قول الحقيقة في حين أنهم يطلبون منه أن يقول لمن يطرق الباب أنهم خارج المنزل.
في هذه الحالة يشعر الطفل أن الكذب أمر عادي ومعتاد طالما لم يتم اكتشافه.
لذلك انتما من بيديكما الأمر في البداية لأن الطفل يفعل مثلما أنتم تفعلان دون تفكير.
ابق هادئاً إذا اكتشفت كذب ابنك
عندما تكتشف كذب ابنك لا تصرخ ولا تنفعل ولكن كن هادئاً قدر المستطاع لأن غضبك سيؤثر عليه بشكل معقد فيما بعد.
بعد أن تهدأ تماماً والبيت يستقر من هذا الفعل اجلس معه وأخبره بما يترتب على هذا الكذب من عقبات ومساوئ.
وأن الله سبحانه وتعالى حرم الكذب، وأن من يكذب يدخل النار ويتعذب بسبب فعله.
ووضح له أن الكذب يؤذي مشاعر الآخرين بالإضافة أنه يقلل من مكانته عند الناس وستتغير نظرتهم له.
ولابد أن تخبره بحذر أن الشخص الذي يكذب يفر منه الناس ولا يتحدثون أمامه في أي موضوع ولا يسألونه عن شيء لأنه لا يقول الحقيقة.
تحديد دافع الكذب
لابد أن تعرف ما الذي يجعله يكذب وما الدافع وراء ذلك وأنه من الممكن قول الحقيقة.
مثلا اسأله لماذا يقول لك أنه قام بكتابة الواجب وأنه لم يفعل أو أنه قام بغسل أسنانه وأنه لم يفعل.
وتحدث معه بهدوء كأنك صديق له واعرف السبب، هل لأنه خائف منك، أم أنه لا يحب فعل هذا الشيء.
أو أنه يريد أن يلفت انتباهك حتى تتحدث معه، وربما يكذب لأنه يخاف من تجربة سابقة مثلا فيريد الخروج من الموقف دون عقاب.
لا تنصب له فخا
لا تجعل الطفل يشعر بالإحراج أمامك وينكشف أمام نفسه.
لا تسأله أسئلة تجعله يعترف بكذبه ولكن اطلب منه أن يقول الحقيقة برفق.
ولابد أن تعده أنه إذا تحدث بصدق فلن تعاقبه.
وإياك إذا حكى ما حدث بصدق ووجدت أنه أخطأ أن تقوم بمعاقبته.
لأن هنا سيشعر أن سبب العقاب هو قول الصدق وسيضطر بعد ذلك أن يكذب.
نصائح للتعامل مع الطفل الكذاب
لا تمنع طفلك من الكذب ولكن قم بتقوية مبادئ الصدق داخله.
اجعل منه شخص واثق في نفسه قادر على حد المشكلات دون اللجوء إلى الكذب للهروب من الموقف.
وهذا يحدث من خلال مشاركته لك في حل المشكلات البسيطة التي اتحدث يومياً لأنه يقوم بمراقبتك حتى يكتشف طرق حل مشكلاتك.
لا تصفه بالكذاب لأن مع مرور الوقت سيصدق بالفعل أنه كذاب ولن تستطيع بعد ذلك تغيير هذه الصفة.
بالعكس سيتفنن في الكذب حتى يظهر أنه بارع وأنه لا يوجد شخص يكتشف كذبته.
وربما فعل ذلك حتى يكون مفضل عند والديه وينال حبهم.
يجب أن تفرق بين الطفل الكذاب وخيال الطفل، حيث الطفل في سن أقل من السادسة يكون ذو خيال واسع.
مثلا يتخيل أنه يوجد له صديق داخل المنزل يجلس معه ويلعب معه، إذا الطفل ليس كذاب ولكنه ذو خيال.
مثلاً أن يأتي إليك ليحك لك عن أحداث لم تحدث أنت تظنين أنه يكذب ولكنه لا يكذب.
إياك أن تغضبي وتصرخي في وجهه وتصفيه بالكذب لأن هذا سيضعف لديه التخيل ويتوقف عنه.
بالإضافة إلى أنه لن يحك لك ويتحاور معك مرة أخرى خوفاً منك ومن رد فعلك.
وحاولي أن تفرقي بين السلوكين، أي إذا لاحظتي أن الطفل لا يلعب ألعاب واقعية وأن حياته محصورة داخل التخيلات فإذا يوجد مشكلة يجب حلها.
طرق فعالة لعلاج مشكلة الكذب عند الأطفال
إذا تأكدت أن مشكلة الكذب لدى طفلك ليست سهلة وتحتاج إلى علاج، قم بتشغيل فيديو كرتون أو يمثل قصة يكون محتواه الصدق والحث على عدم الكذب.
قم بتكرار هذا الموقف بشكل مستمر مثلا مرتان خلال الأسبوع.
وفي باقي الأوقات قم بتطبيق ما رآه في الفيديو واذكر له اسم الشخص الصادق في الفيديو، وقل له يجب أن تكون مثل فلان.
في المقابل اذكر له اسم الشخص الكذاب وحذره أن يكون مثله.
واجعل في كل مرة يصدق فيها أعط له مكافأة مثلاً قطعة شيكولاتة، أو السماح له باللعب على جهاز الكمبيوتر أو البلايستيشن لمدة نصف ساعة مثلاً.
وإذا حدثت مشكلة في المدرسة أو داخل إطار العائلة وسألته ماذا حدث وقام بالرد عليك بصدق إذا هو يحتاج إلى مكافأة أكبر.
مثلا الذهاب لفسحة خارج المنزل للملاهي مثلا، أو تناول الغداء خارج المنزل.
ولا تخبره على نوع المكافأة ولكن قل له إذا قلت الحقيقة فلك مكافأة.
وعلى العكس إذا تحدث بالكذب لابد من معاقبته حسب ما يترتب من أفعال.
مثلا قم بحرمانه من المصروف، أو من اللعب بلعبة هو يحبها، أو من الذهاب مع أصدقائه إلى النادي.
أو عدم الحديث معه أنت ووالدته مثلا لآخر اليوم.
من الخطأ أن تحرمه من أمر لم يكن يحدث في الواقع، مثلاً أن تقول له أنك كنت ستأخذه إلى مكان ولكن بعد كذبه فلن تأخذه.
فهنا هو لن يشعر بالفقد أو العقاب لأن الأمر ليس كان بخاطره أو منتظره.
أسباب الكذب عند الأطفال
يوجد أسباب كثيرة للكذب قد ذكرناها في المقال، ومن أخطر أسباب الكذب المنتشرة هي الكذب الاجتماعي حيث
الكذب الاجتماعي
مثلاً وجود مشكلة في المدرسة أو النادي وهو لا يريد الذهاب إلى هذا المكان.
وهو يعلم إذا أخبرك بالسبب الرئيسي فأنك لا تجيبيه بل من الممكن أن تتهمه بالتفاهة مثلاً.
هنا يلجأ الطفل لاختلاق سبب آخر مثلا أن المعلمة قامت بضربه أو أنه لا يحب المدرسة أو أن المدرب قام بتعنيفه.
وبعد الرجوع إلى المدرسة أو النادي تكتشفين أنه يكذب ولا يوجد أي سبب من الأسباب الذي يقولها الطفل.
سبب آخر للكذب عند الطفل، العقاب القاسي أو الصراخ في وجهه.
مثلاً إذا وقع شيء على الأرض وانكسر، يضطر الطفل للكذب ويتهم أخاه الصغير بدلاً منه.
لأنه يعلم عقاب هذا الأمر، وفي مثل هذه الأمور يجب أن تتحدثي مع الطفل بهدوء وتعطيه الأمان لأنه يكون خائف جداً.
يمكن أن يكذب الطفل إذا شعر أن الأمر مجبر عليه، ولا يحبه الطفل مثلاً إذا كان لا يحب الرسم.
ولكن لابد أن يرسم فهنا يشعر الطفل أنه مجبور على هذا الشيء.
فيضطر أن يكذب ويخبرك أنه انتهى من واجب الرسم الخاص به.
لأن الكذب قد يكون علامة على مشكلة نفسية أو عاطفية أعمق، قد يكون من المفيد للأم البحث عن مساعدة من مختصين في التربية أو النفسية. يمكن للمراجعة المهنية أن تساعد في تحديد أسباب السلوك الكاذب وتقديم الدعم والإرشاد المناسب للأم والطفل.
في النهاية، يتطلب التعامل مع الطفل الكاذب صبرًا وتفهمًا من الأم. يجب أن تكون الأم على استعداد لتعديل أسلوبها وتبني استراتيجيات جديدة للتعامل مع الكذب. بالتوجيه السليم والدعم العاطفي، يمكن للأم أن تساعد طفلها في التغلب على سلوك الكذب وتعزيز قدراته على التعامل مع المشكلات والعواطف بشكل صحيح.
تعليقات
إرسال تعليق